تحذيرات إسرائيلية من تهديد الحوثيين: طموحات إقليمية وهجمات مفاجئة

الأربعاء 10 سبتمبر ,2025 الساعة: 08:57 مساءً
حذر تقرير نشره موقع القناة السابعة الإسرائيلية من خطورة نوايا الحوثيين تجاه إسرائيل. وقال إن لديهم طموحات كبيرة، وحث بعدم تجاهل خطورة هذا التهديد. في حين، بدا إجماع لمراكز الأبحاث الإسرائيلية والصحافة العبرية حول أن جماعة الحوثيين تحولت إلى فاعل إقليمي يهدد الداخل الإسرائيلي ويقوّض أمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر، خصوصًا بعد إطلاقها للمرة الأولى صاروخًا برأس حربي انشطاري على إسرائيل.
وحول الهجمات الإسرائيلية على صنعاء، نقل موقع جيروزاليم بوست عن مصادر في الجيش الإسرائيلي قولها إن إسرائيل استخدمت أسلوب الخداع قبل الهجوم على صنعاء، حيث أوهمت قادة الحوثيين بالأمان الزائف، حتى ينخدعوا بأنها تفتقر إلى معلومات استخباراتية موثوقة عن مواقعهم.
وأورد موقع والا العبري أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية اكتشفت منذ بداية مواجهة الحوثيين ثغرات استخباراتية عميقة، وأن الضربات الجوية المتكررة لم تمنع استمرار الصواريخ من اليمن. وأشار الموقع إلى أن أي معالجة جذرية للتهديد تستلزم بناء تحالف إقليمي ضد الحوثيين، وهو ما لم يتحقق حتى الآن بسبب تردد دول عربية في الانخراط المباشر.
أما صحيفة يسرائيل هيوم فقد ركّزت على البعد التكنولوجي، مشيرةً إلى أن التحقيقات لمعرفة ما إذا كانت الصواريخ الحوثية تحمل رؤوسًا حربية انشطارية على غرار الهجمات الإيرانية السابقة، يفرض إعادة تقييم سياسة الاعتراض الدفاعي، ويدفع وزارة الدفاع إلى تسريع تطوير أنظمة الليزر ضمن برامج “ماجن أور”.
وفي تحليل على موقع جلوبس، اعتبر أن دخول البحرية الإسرائيلية على خط المواجهة من خلال ضرب البنية التحتية للطاقة في اليمن بواسطة سفن “ساعر 6″، محاولة لزيادة الضغط على الحوثيين. لكن الكاتب خلص إلى أن إسرائيل تدفع “الثمن الباهظ” لجهلها باليمن، وأن خياراتها تظل محدودة بين وقف إطلاق نار هش، أو مواجهة مباشرة مع إيران.
وأشار معهد مسجاف للأمن القومي إلى أن الحوثيين باتوا يتمتعون بدعم إيراني وروسي وصيني، وأن إسرائيل بحاجة إلى استراتيجية شاملة تشمل الضغط السياسي على واشنطن، وتكثيف الهجمات الاستباقية، وتعزيز القوة البحرية لتأمين الملاحة.
كما كشف تقرير نشرته شبكة NTD عن بروز دور صيني متصاعد في دعم الحوثيين، عبر تزويدهم بقدرات أقمار صناعية ومكوّنات عسكرية متقدمة، الأمر الذي ينذر بتحوّل اليمن إلى ساحة احتكاك بين بكين وواشنطن، ويعقّد أكثر أي محاولة إسرائيلية لحسم المواجهة.
وتذهب بعض التحليلات في جيروزاليم بوست إلى أن السعودية، بجيشها الكبير وإمكاناتها المالية، هي القوة الوحيدة القادرة على حسم المعركة ميدانيًا ضد الحوثيين، ما يجعل أي تقارب سعودي–إسرائيلي في إطار اتفاقيات أبراهام مدخلًا لتشكيل تحالف إقليمي جديد يعيد رسم موازين القوى.
كيف تمكّن الحوثيون من ضرب مطار رامون، ولماذا لم تُطلق صفارات الإنذار؟
أشار موقع جلوبس، في 7 سبتمبر 2025، إلى أن الحوثيين تمكّنوا من استهداف مطار في إسرائيل للمرة الثانية في أربعة أشهر، ولم تُطلق صفارات الإنذار. هذه المرة كان الهدف مطار رامون.
وذكر موقع جلوبس إلى أن صفارات الإنذار تُفعَّل سواءً كان السبب تهديد صاروخي أو طائرات مسيّرة، لكن الهجوم على المطار كان سببه عدم اكتشافه من قبل.
قبل ساعة تقريبًا من الضربة، رُصدت ثلاث طائرات مسيّرة في طريقها إلى إسرائيل عبر سيناء، وجرى اعتراضها -ولا يُستبعد أن يكون هدفها تشتيت نظام الاعتراض. عمومًا، يتبع الصاروخ مسارًا محددًا، ولذا التصدي له أسهل من الطائرات المسيّرة، لأنها مناوِرة، وأصغر حجمًا، وتحلّق على ارتفاع منخفض، وفي مسار متغيّر. في الوقت نفسه، تتميز الطائرات المسيّرة بانخفاض التوقيع الراداري (SAR)، أي أن انعكاسها الراداري منخفض، وكل هذه العوامل مجتمعة تصعّب من اكتشافها.
أما بشأن عدد محاولات الحوثيين التي أسفرت عن أضرار لإسرائيل، أشار الموقع إلى أن أول وآخر هجوم حوثي حتى الآن أودى بحياة إنسان كان في يوليو 2024، عندما ضربت طائرة مسيّرة من طراز “صماد 3” مبنى في تل أبيب، مما أسفر عن مقتل يفغيني فريدر، البالغ من العمر 50 عامًا. وصلت تلك الطائرة المسيّرة من البحر، دون أن تكتشفها إسرائيل. الهجوم على رامون هو الغارة السادسة في إسرائيل إجمالًا، والثانية التي ينجح فيها الحوثيون في ضرب مطار في إسرائيل -بعد الصاروخ الباليستي الذي أصاب مطار بن غوريون في مايو.
هل تمتلك إسرائيل القدرة على اعتراض الطائرات المسيّرة؟
نعم، لقد أثبت نظام القبة الحديدية، سواءً كان بريًا أو بحريًا، قدرته على التصدي للطائرات. ومع ذلك، صُممت هذه الأنظمة أساسًا لمواجهة تهديدات الصواريخ على مدى يصل إلى 40 كيلومترًا. ويرجع سبب أهميتها في بعض حالات تهديدات الطائرات المسيّرة إلى أن القبة الحديدية والقبة البحرية ليستا نظامي اعتراض ” Hit to Kill”، أي أنهما لا يصيبان الهدف لإسقاطه، بل ينفجران بجواره.
إلى جانب ذلك، يستخدم سلاح الجو طائرات، وطائرات مسيّرة، ومروحيات لاعتراض هذه التهديدات. تبلغ تكلفة كل وحدة منها حوالي 30 ألف دولار، لكن المشكلة تكمن في أن تكلفة تشغيل الطائرة المسيّرة -دون احتساب الأسلحة -تكاد تساوي تكلفة التهديد.
لذلك، تستخدم المنظومة الأمنية أيضًا وسائل أرخص بكثير، ومن بينها تقنيات الطيف المتطورة، التي تُشكل طبقة حماية إضافية لمواجهة الطائرات المسيّرة -فهي تعتمد على استخدام وسائل تكنولوجية متقدمة لتحديد التهديدات الجوية وتحييدها في الوقت المناسب. ينسّق قسم الدفاع السيبراني وتكنولوجيا المعلومات في الجيش الإسرائيلي جهودهما في مجال الطيف الترددي. وتعمل منظومة الحرب الإلكترونية على حجب وتشويش شبكات الاتصالات المختلفة، ومن بينها الترددات اللاسلكية والخلوية.
الحوثيون يُشكلون تحديًا استراتيجيًا لإسرائيل
في سياق متصل، قال العميد احتياط تسفيكا حايموفيتش -قائد منظومة الدفاع الجوي السابق والمستشار الاستراتيجي حاليًا، على موقع يسرائيل هيوم، في 7 سبتمبر 2025، إن الحوثيين انخرطوا في قتال إسرائيل بعد اكتسابهم خبرة عملياتية كبيرة خلال حرب استمرت سبع سنوات في مواجهة السعودية. ولا يقتصر الأمر على هذا فحسب: على الرغم من أنهم اعتمدوا في بداية مسيرتهم على قدرات وأدوات نُقلت أو هُرّبت من إيران، إلا أنهم صنعوا في السنوات الأخيرة صواريخ باليستية وطائرات مُسيّرة على الأراضي اليمنية. إنهم أبعد ما يكونوا عن جماعة “إرهابية” من “ماضغي القات وساكني الكهوف”، كما وصفهم البعض خطأً في بداية الحرب.
وقال حايموفيتش إن الطائرة المسيّرة التي ضربت مطار رامون هي من طراز “صماد 3″، وهي طائرة حوثية الصنع تعتمد على خبرة إيرانية، قادرة على التحليق لمسافة تبلغ نحو 2000 كيلومتر وتحمل حوالي 30 كيلوغرامًا من المتفجرات، مع قدرات ملاحة وتوجيه. وقد لمسنا النتيجة جيدًا. إنه تهديد سبق للجيش الإسرائيلي وسلاح الجو مجابهته عشرات المرات، بمعدلات نجاح مرتفعة جدًا حتى الآن.
يتعلم الحوثيون ويصقلون عملياتهم. في عملية اليوم، شاهدنا تحليق أربع طائرات مسيّرة بشكل منسق، على المسار الغربي. اعترض سلاح الجو ثلاثًا منها وأسقطها، بينما انطلقت الرابعة، في وقت لاحق وعلى مسار مماثل، شرقًا وضربت مطار رامون.
وقال إن مهارة الحوثيين تنعكس في أسلوب تنفيذ التهديدات، واختيار المسارات، وتوقيت العمليات، وأهداف الهجوم، ونطاقات العمليات. في كل بُعد من هذه الأبعاد، يمكن ملاحظة التغيير ومحاولتهم سبر نظام الجيش الإسرائيلي وتحديه.
حتى في اليوم الذي تنتهي فيه حرب غزة ويتوقف الحوثيون عن استخدام أسلحتهم، فإن هذا لا يعني زوال التهديد، ولا ينبغي لإسرائيل التعامل بهذه الطريقة. سيظل التحدي القادم من اليمن يلاحقنا ويؤثر على تصور إسرائيل الأمني، وكيفية تعاملها مع تهديد كبير من جماعة أو دولة تبعد 2000 كيلومتر عن حدودنا.
يشكّل الحوثيون تهديدًا تكتيكيًا. إنهم ليسوا من بين أكثر التهديدات تطورًا في الساحة، لكنهم استهدفونا مجددًا -كانت الحادثة الأولى هي فشل اعتراض الصاروخ الذي سقط بالقرب من مطار بن غوريون -دليلًا على أن التهديد التكتيكي قد يتحول إلى مشكلة وتحدٍ استراتيجي. إن احتمالية الضرر المباشر وغير المباشر من إصابة هدف استراتيجي هائلة.
وأوصى حايموفيتش بضرورة شن حملة على الحوثيين بصورة متواصلة، وعدوانية وبالتزامن، عبر تصفية القادة، وتدمير سلسلة إنتاج الصواريخ والطائرات المسيّرة، وتدمير قدرات إطلاقها وبنيتها الأساسية. لا مناص من صقل القدرة الهجومية، التي يجب أن تقترن بممارسات سياسية للضغط وتحقيق نتائج فعّالة في مواجهة الحوثيين.
منظومة صواريخ الحوثيين لا تزال تشكل تحديًا رغم تعزيز القدرات الاستخباراتية
ذكر موقع ماكو العبري، في 5 سبتمبر 2025، أن الحوثيين زادوا من إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل بعد أن هاجم سلاح الجو الإسرائيلي تجمع لكبار المسؤولين ومقتل رئيس وزرائهم ومعظم الوزراء. بدلًا من إطلاق صاروخ كل بضعة أيام أو أكثر، أصبحوا يطلقون عدة صواريخ يوميًا. معظم هذه الصواريخ سقطت في الطريق؛ بسبب أعطال أو اعترضتها أنظمة الدفاع الجوي.
يقول مسؤولون في الجيش الإسرائيلي إن هدف الحوثيين الأساسي في هذه المرحلة هو إرساء حالة من الإرهاب الصاروخي، وتعطيل حياة المدنيين الإسرائيليين، إضافة إلى التسبب بأضرار اقتصادية. تدرك المؤسسة الدفاعية أنهم مهتمون بالانتقام إلى حد كبير، ويبدو أن هذه مرحلة بينية في طريقهم إلى ذلك. كما يعترف الجيش الإسرائيلي بأنه على الرغم من زيادة القدرات الاستخباراتية الإسرائيلية في اليمن، فإن منظومة صواريخ الحوثيين لا تزال “تشكل تحديًا”، كما وصفها ضابط استخبارات، الذي، بسبب ضغط النظام، يقلل من أهمية الفشل الإسرائيلي في هذا الصدد.
وأوضح مصدر في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أن الحوثيين شهدوا تحولًا عالميًا، و”تحولوا من قبيلة محلية إلى فاعل على الساحة الإقليمية”. وكشف أن جهاز الاستخبارات والمؤسسة الأمنية كانا على علم بمساعدة الإيرانيين لليمن عبر قائد فيلق القدس منذ عام 2014. وأضاف: “لم ننظر إليها على أنها تهديد لنا، وأشارت التقييمات القليلة التي أُجريت في هذا السياق إلى أن هذا التهديد موجه إلى السعودية ودول الخليج”.
فيما يتعلق بترسانة الحوثيين، قال المصدر الاستخباراتي إنها “تتطور وتتحسن بوتيرة سريعة وخطيرة. لقد وسّعوا مدى الصواريخ الباليستية، وصواريخ كروز، وأنظمة أخرى. يعود ذلك غالبًا إلى تقليل وزن الرأس الحربي، أو استبداله برأس حربي إنشطاري بقدرة تسليحية أصغر”. وتابع: “هذا قلل من احتمالية الضرر الذي يمكن أن تُسببه الصواريخ والطائرات المسيّرة”، مضيفًا أنه “منحهم أسلحة يمكنها الوصول إلى إسرائيل بكميات كبيرة”.
وذكر موقع ماكو أن مشكلة إسرائيل الرئيسة، كانت ولا تزال، هي قلة المعلومات الاستخباراتية المتوفرة عن اليمن. كانت التغطية شبه معدومة، واعتمدت إلى حد كبير على ما تُسميه الاستخبارات العسكرية “شركاء”، أي معلومات استخباراتية من دول أجنبية. سرعان ما ضاقت الفجوة، مما سمح بالقضاء الناجح على رئيس الوزراء الحوثي ومعظم وزرائه. إضافة إلى ذلك، كانت إسرائيل تُفكر في تكبيد الحوثيين خسائر اقتصادية، لكن هذا لم يُجدِ نفعًا حتى الآن.
وعزا الموقع صعوبة تصدي الاستخبارات الإسرائيلية لمنظومة صواريخ الحوثيين في اليمن إلى عدة أسباب، مثل جغرافية اليمن، وسهولة تنقل منصات الإطلاق، وأسباب ثقافية تتعلق بالتركيبة القبلية وكيفية توزيع الصواريخ ومنصات الإطلاق.
اليمن بلدٌ جبليٌّ شاسع، يضم عددًا هائلًا من الأنفاق والمخابئ الطبيعية. يستغل الحوثيون التضاريس لإخفاء منصات الإطلاق وصواريخهم بها، وهناك، كما هو الحال في لبنان وغزة، يختبئون أيضًا داخل القرى النائية الكثيرة، بين المدنيين الذين يستخدمونهم كدروع بشرية. إن هذه التضاريس، وكثرة القرى، وسهولة تنقّل منصات الإطلاق التي تخرج قبل وقت قليل من الإطلاق، تُعوق قدرات جمع المعلومات الاستخباراتية المتنوعة، ومن بينها أحدث التقنيات.
ومن المشاكل الرئيسة الأخرى طريقة تشغيل منظومة الصواريخ في اليمن، التي تختلف تمامًا عن التي واجهتها إسرائيل في إيران ولبنان. على عكس المنظومة الإيرانية ومنظومة حزب الله، التي جرى تشكيلها كالقوة العسكرية النظامية، من حيث المقرات، وأنظمة الاتصالات، والوحدات وغيرها، فإن الحوثيين يمارسون نشاطهم بين القبائل والعائلات، وهو ما يشكل صعوبة في اختراق القبيلة والعائلة.
كما أن هيكل القيادة الذي يُصدر أوامر الإطلاق ووجهته يعمل وفقًا للمناخ القبلي، كما في العصور الوسطى. والقيادة أيضًا مصطلح له دلالة كبيرة في وصف هذه المنظومة. وأوضح مصدر استخباراتي في الجيش الإسرائيلي: “لا توجد فرق أو فصائل. لقد كلفوا مجموعة من أفراد قبيلة أو عائلة مسؤولية عدد من منصات الإطلاق”. وأضاف: “من العسير للغاية تقديم تحذيرات استخباراتية بشأن عمليات الإطلاق من اليمن”. نحن نتغلب على هذه المشكلة بالتكنولوجيا التي تمكننا من رصد عمليات الإطلاق بعد ثوانٍ فقط من تنفيذها”.
الحوثيون يتدربون لاجتياح إسرائيل بريًا
حذر يوسي منشروف على موقع القناة السابعة الإسرائيلية، في 2 سبتمبر 2025، من خطورة نوايا الحوثيين لغزو إسرائيل. وقال إن أي شخص مطلع على وسائل إعلام الحوثيين يدرك أنهم يتدربون بالفعل لشن غزو بري لإسرائيل، ويعلنون نيتهم القيام بمثل هذه الخطوة العسكرية. “لقد أعلنوا ذلك جهرًا منذ فترة طويلة، ويتدربون على اجتياح إسرائيل، مع التركيز على ديمونا. لديهم طموحات كبيرة، وأعتقد أنه لا ينبغي بعد 7 أكتوبر، أن يتجاهل أي مسؤول أمني إسرائيلي خطورة هذا التهديد”.
أشار منشروف إلى أنها جماعة منظمة ومتماسكة، مدعومة من إيران والحرس الثوري وفيلق القدس، ويجب قطع هذا الذراع التابع للأخطبوط الإيراني، كما أحرزت إسرائيل نجاحًا باهرًا في مواجهة حزب الله، وقائد فرع فيلق القدس اللبناني، ونائبه وقائد شبكة التهريب التابعة للقوة، وقائد فرع فلسطين.
فيما يتعلق بطريقة إضعاف قدرات الحوثيين، قال إنه لا مناص من مجابهة رعاتهم، النظام الإيراني، مصدر المشاكل.
وبشأن الطريقة التي يُعبِّر بها الإعلام عن رغبة الحوثيين في غزو إسرائيل، يقول منشروف “تظهر في هذه الوسائل صورٌ لتدريباتٍ على اجتياح إسرائيل بالسلاح، تشبه تمامًا تدريبات حماس التي رأيناها قبل 7 أكتوبر. كما توجد تقارير نشرها مركز الاستخبارات والإرهاب، الذي استقصى الأمر وقدّم توثيقًا فوتوغرافيًا لهذه التدريبات. من المهم أيضًا الاستماع إلى تصريحاتهم وفهم هل وراءها مضمونًا حقيقيًا ونيةً حقيقيةً لدخول حدود إسرائيل، سواءً عبر الأردن أو سوريا”.
في هذا السياق، يذكر منشروف أن الإيرانيين حاولوا بالفعل الترويج لعمليةٍ إرهابيةٍ نقلوا فيها عشرات الحوثيين إلى الحدود الإسرائيلية. “لم تُنفَّذ العملية، لكن الإيرانيين حاولوا الترويج لغزو الميليشيات الشيعية للأردن. يبدو أن الإيرانيين يعدون المجال الأردني بيئة ملائمة للعمليات، إما لضعف النظام الأردني أو لعدم وجود سياج حدودي منظم بين إسرائيل والأردن، وهذا يُغري إيران.
وفيما يتعلق بحجم الخلية المحتملة، يقول منشروف: “لا أعتقد أنها ستكون خلية صغيرة بالضرورة. يقدر عدد الحوثيون بعشرات الآلاف، ومن الممكن تخيّل سيناريو يحاولون فيه تسلل بضع مئات إلى إسرائيل. إنهم طموحون للغاية، ويساعدهم الملف الفلسطيني على تعزيز مصداقيتهم في الشرق الأوسط، ويُصوّرون أنفسهم على أنهم الجماعة الوحيدة التي تساند حماس في غزة بعد هزيمة حزب الله، وسقوط النظام السوري، وعجز الميليشيات في العراق عن التحرك الآن. لهذا السبب، الحوثيون موجودون على الخريطة، والجانب الفلسطيني يسمح لهم بقمع شعبهم في اليمن بذريعة أن كل من لا يدعمهم يخون المثل العليا الفلسطينية والأمة الإسلامية”.
وعندما سُئل عما إذا كانت عملية الاغتيال المستهدفة المذهلة في اليمن قبل أيام قليلة تُشكّل ردعًا، قال منشروف: “لقد تأخرنا في الاستعداد للتهديد اليمني، ولكن مع مرور الوقت، يتشكل انطباع بأن إسرائيل تسد ثغرات قدراتها الاستخباراتية في الساحة اليمنية، الأمر الذي يتطلب أيضًا موارد وتنظيمًا. لذلك، تُمثّل عملية الاغتيال المستهدفة إنجازًا مهمًا، ولكن ثمة حاجة لتكثيف العمل لردع الحوثيين”. لديّ انطباع بأن إسرائيل بحاجة إلى جمع معلومات استخباراتية عن منصات إطلاق الصواريخ، وهي قادرة على ذلك. إن تعقب منصات الإطلاق بفعالية يمكن أن يمنعها من الإطلاق، وفي الوقت نفسه، يُعدّ اغتيال كبار المسؤولين أمرًا بالغ الأهمية؛ لأنه يجبر العناصر الخفية على اتخاذ موقف دفاعي والاختباء. مع مرور الوقت، سيتعين على إسرائيل التفكير في تعاون إقليمي برعاية أمريكية وبريطانية. الحوثيون ليسوا مجرد مصدر إزعاج لإسرائيل، بل إنهم يُلحقون الضرر بحرية الملاحة، وإيذائهم ليس مصلحة إسرائيلية فحسب.
نسخة يمنية من “طوفان الأقصى”
جدير بالذكر أن موقع نيوز وان العبري أشار، في 25 يوليو 2025، إلى أن جماعة الحوثيين في اليمن تواصل تحالفها مع محور المقاومة حول غزة، وهذه المرة بتهديد مُباشر لإسرائيل. وبحسب تقرير نشره موقع “إسرائيل اليوم“، فإنهم يُدربون الدفعة الثالثة من مُقاتليهم في قوة النخبة تحت اسم “طوفان الأقصى”، وهو مصطلحٌ مرتبط في الذاكرة الإسرائيلية باللقب الذي أطلقته حماس على هجوم 7 أكتوبر.
إن اختيار الحوثيين اسم الدورة الجديدة ليس صدفة، بل هو رسالة واضحة تُؤكد استمرار ارتباطهم بحماس والصراع في غزة. إنها أيضًا محاولة رمزية للحفاظ على الدوافع الأيديولوجية لهذا المحور، مع تركيز الاهتمام على إسرائيل -على الرغم من الفجوة الجغرافية الكبيرة.
عمليًا، تبلغ المسافة بين معسكرات التدريب في اليمن وحدود إسرائيل نحو ألفي كيلومتر، كما أن مقاتلي النخبة الذين ظهروا في عدة مقاطع يوتيوب -بأسلوب إيراني دقيق -سوف يواجهون صعوبة في اجتياز هذه المسافة برًا أو بحرًا دون اكتشاف أمرهم من عناصر استخباراتية أو قوات الجيش الإسرائيلي.
مع ذلك، يقول الصحفي يوآف ليمور بأن اختيار عرض الدورة باسم -“طوفان الأقصى” -ينبغي أن يُدق ناقوس الخطر، ليس لقوة التهديد المباشر، بل بسبب النوايا المستقبلية.
خطة غزو الحوثيين لا تزال مطروحة -على الأقل على مستوى الوعي. غير مدرجة ضمن الأولويات. حاليًا هي على نطاق ضيق وتكاد تكون سخيفة، لكن إسرائيل أدركت بالفعل أن التصريحات التي بدت مستحيلة في السابق قد تُصبح واقعًا خطيرًا.
إسرائيل خدعت قادة الحوثيين بأنها تفتقر إلى معلومات استخباراتية عن مواقعهم
أشار موقع يديعوت أحرونوت، في 29 أغسطس 2025، إلى أن الجيش الإسرائيلي أعلن ظهيرة (الجمعة) أن هجوم أمس على جنوب صنعاء كان يستهدف كل قادة الحوثيين، ومن بينهم رئيس الأركان محمد عبد الكريم الغماري ووزراء يمنيون كانوا في طريقهم إلى الاجتماع. وأكد الجيش أنه على أهبة الاستعداد لردٍّ انتقامي من اليمن، ولكن ليس بناءً على تحذير استخباراتي، بل تقييم للوضع.
بحسب مصادر عسكرية، نُفذ الهجوم بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة بشأن اجتماع قادة حوثيين بارزين، كان من المفترض أن يحضره رئيس أركانهم أيضًا، إلى جانب وزراء آخرين. وقالوا “انتهزنا فرصة استخباراتية مواتية لتنفيذ عملية دقيقة”.
شنت إسرائيل الهجوم، بعد ساعات من اعتراض طائرتين مسيرتين أطلقهما الحوثيون اتجاهها، وبالتزامن مع خطاب زعيمهم، عبد الملك الحوثي. وصف اليمنيون الهجوم بأنه “زلزال”. وقال أحد سكان صنعاء لموقع يديعوت أحرونوت إن “الانفجار كان هائلًا، وكأنه منبثق من جوف الأرض”. وبحسب قوله، أطلق الجيش الإسرائيلي عشرة صواريخ في أقل من خمس دقائق.
وذكر موقع جيروزاليم بوست، في 29 أغسطس 2025، أن مصادر في الجيش الإسرائيلي قالت إن إسرائيل استخدمت أسلوب الخداع قبل الغارة التي شنها سلاح الجو الإسرائيلي على صنعاء، اليمن، يوم الخميس. لقد أوهمت إسرائيل قادة الحوثيين بالأمان الزائف، حتى ينخدعوا بأنها تفتقر إلى معلومات استخباراتية موثوقة عن مواقعهم.
من المتوقع أن يزداد نطاق أهداف الجيش الإسرائيلي في استهداف الحوثيين مع مرور الوقت، كما حدث تمامًا ضد حزب الله وإيران.
خطوة مهمة للغاية
قال مصدر حكومي في جنوب اليمن لموقع يسرائيل هيوم، في 29 أغسطس 2025، إن “استهداف قيادة الجماعة “الإرهابية” خطوة مهمة للغاية”. وأكد “أهمية مواصلة الهجوم، والتركيز على باقي المسؤولين العسكريين والأمنيين، وعلى رأسهم “الإرهابي” عبد الملك الحوثي. ووفقًا له، كان محمد الغماري، رئيس أركان الحوثيين، “إرهابي خطير للغاية”.
كما وجه رسالة إلى إسرائيل: “يجب مواصلة الهجمات الجوية إلى جانب دعم القوات المسلحة الجنوبية لتنفيذ عملية برية حتى تتكلل الحملة على الحوثيين بالنجاح”.
بينما كتب يمني -مؤيد للحكومة الشرعية ومناهض للحوثيين -عمودًا خاصًا وباسم مستعار على موقع يديعوت أحرونوت، في 30 أغسطس 2025، وقال إن اليمن شهدت أخيرًا هجمات عسكرية، وُصفت بأنها الأنجح منذ سنوات، استهدفت شخصيات بارزة في صفوف الحوثيين. لم تكن هذه العملية مجرد ضربة تكتيكية، بل حملت أبعادًا استراتيجية تجاوزت الساحة اليمنية.
لسنوات، اعتاد اليمنيون على الهجمات والعمليات العسكرية، التي اتسم معظمها بالعشوائية، وأضرت بالمدنيين والبنية الأساسية أكثر من قادة الجماعة. وكانت النتيجة واحدة: غضب شعبي، وتعزيز سردية الحوثيين بأنهم ضحايا. أما اليوم، فقد تبدل الوضع. لقد ساد المجتمع اليمني ارتياح كبير بعد الضربة المباشرة للقادة العسكريين، لأنه أدرك أن هذه الهجمات قد تكون وسيلة لتغيير المعادلة، وليست فصلًا آخر في دائرة العنف.
يتجاوز تأثير ونتائج هذه العملية كل الضربات السابقة، ومن بينها الضربات الأمريكية التي استهدفت قادة “الإرهاب” في اليمن على مدى العقدين الماضيين. في حين اقتصرت الضربات الأمريكية، في كثير من الأحيان، على قتل عدد محدود من الأشخاص دون إحداث تغيير سياسي أو اجتماعي، فإن هذه الضربة الأخيرة استهدفت هيكل القيادة الحوثية نفسه، حيث نجحت في ضرب مركز صنع القرار، وأربكت القيادات العليا في الجماعة.
على المستوى العملياتي، لم تعد المسألة تقتصر على الضربات الجوية. إن المعلومات الاستخباراتية المتاحة اليوم دقيقة وكافية لتجفيف منابع قوة الحوثيين، إما بقطع طرق الإمداد أو ضرب مراكز تمويلهم وتسليحهم، مما يضع الجماعة في موقف دفاعي خانق. والأهم من ذلك، أن هناك قدرة حقيقية على مواجهة الحوثيين عسكريًا وبريًا متى تقرر ذلك، أي أن الخيارات متعددة ولا تقتصر على المجال الجوي فقط.
تكمن الأهمية الكبرى فيما يترتب عليه بعد الهجوم. إن اليمن ليس مجرد ساحة قتال. إنه مفترق طرق جيوسياسي يقع على مضيق باب المندب، أحد أهم الممرات البحرية في العالم. لقد أدت جماعات إسلامية متطرفة، وعلى رأسها الحوثيين، دورًا رئيسيًا على المنطقة على مدى العقد الماضي. ومع ذلك، أثبتت التجربة أن الاعتماد على القوى الإسلامية -سواء في اليمن أو سوريا أو العراق -لا يجلب الاستقرار، بل تفشي التطرف بمختلف صوره.
من جهة أخرى، ثمة خيار آخر يتمثل في القوى الليبرالية والمدنية في اليمن. هذه القوى، التي تضم نخبًا سياسية وثقافية وشابة، تمثل شريحة واسعة من المجتمع تسعى إلى دولة حديثة ومدنية، خالية من الخطاب الديني المتطرف، وذات نطاق اجتماعي قادر على استقطاب مختلف الفئات. يمكن لهذه القوى أن تصبح شريكًا حقيقيًا في رسم مستقبل مستقر لليمن، إذا ما حظيت بالدعم اللازم.
يفتح نجاح الهجوم الأخير نافذة استراتيجية: المجتمع اليمني يكون أكثر استجابة عندما تكون الضربات دقيقة وموجهة إزاء القيادة العسكرية والسياسية الحوثية. يوفر هذا الرد الشعبي بيئة مثالية للتحالف مع القوى الليبرالية التي تسعى إلى فرصة لترسيخ وجودها في الساحة السياسية. الدروس المستفادة من سوريا والعراق واضحة: القوى الدينية تتحول إلى عبء استراتيجي مع مرور الوقت. في اليمن، لا تزال هناك فرصة لتجنب تكرار هذه الأخطاء عبر الاستثمار في القوى المدنية الليبرالية وإتاحة المساحة اللازمة حتى تكون بديلًا سياسيًا واجتماعيًا.
أحمد الديب، نقلاً عن موقع مركز صنعاء للدراسات
لمتابعة التفاصيل الكاملة حول تحذيرات إسرائيلية من تهديد الحوثيين: طموحات إقليمية وهجمات مفاجئة، يمكن الرجوع إلى موقع موقع الحرف 28 عبر رابط الخبر الموجود أسفل النص، وذلك حرصًا على وصول القارئ للمصدر الأصلي.