بليغ حمدي: خالِد الموسيقى المصرية في ذكراه السنوية

بليغ حمدي: خالِد الموسيقى المصرية في ذكراه السنوية

يظل اسم الموسيقار بليغ حمدي حاضرًا بقوة في الذاكرة الفنية العربية باعتباره أحد أبرز المجددين في الموسيقى المصرية خلال القرن العشرين، فهو الملحن الذي استطاع أن يمزج بين الأصالة والتجديد، ويمنح الأغنية المصرية روحًا جديدة جعلتها قريبة من وجدان الجمهور البسيط والنخبوي في آن واحد.

 

مولد  موسيقار الشعب 

وُلد بليغ حمدي في القاهرة عام 1931 بحي شبرا، وتعلّق بالموسيقى منذ طفولته، حيث أتقن العزف على آلة العود مبكرًا، قبل أن يلتحق بمعهد فؤاد الأول للموسيقى.

 كانت بداياته الفنية متواضعة، لكنه سرعان ما لفت أنظار كبار الفنانين بموهبته الاستثنائية، فبدأ مشواره مع أسمهان ومحمد عبدالوهاب، ثم انطلق ليصبح واحدًا من أهم أعمدة التلحين في العالم العربي.

 

 لقاءه بأم كلثوم

المحطة الأهم في مسيرة بليغ جاءت حين التقى بكوكب الشرق أم كلثوم، كان شابًا طموحًا لم يتجاوز الثلاثين حين قدّم لها أغنية "حب إيه" عام 1960، لتفتح له أبواب المجد.

 بعدها توالت ألحان بليغ حمدي مع أم كلثوم، فأبدع في روائع مثل: أنساك، ظلمنا الحب، سيرة الحب، بعيد عنك، وتعتبر هذه الأغاني لم تكن مجرد أعمال غنائية، بل أيقونات موسيقية لا تزال تعيش في وجدان المستمع حتى اليوم.

 

 عبد الحليم حافظ وصوت جيل كامل

لم يكن عبد الحليم حافظ بعيدًا عن ألحان بليغ حمدي ؛ فقد شكّل الاثنان ثنائيًا فنيًا مميزًا، حيث قدّم بليغ له عشرات الأغاني التي ارتبطت بالوجدان الوطني والعاطفي، مثل على حسبي وداد قلبي، حاول تفتكرني، الهوى هوايا، أي دمعة حزن لا.

 كما كان بليغ وراء الأناشيد الوطنية الشهيرة التي تغنى بها العندليب، وعلى رأسها عدى النهار التي اعتُبرت مرثية لمرحلة ما بعد نكسة 1967.

 

 بصمة خالدة

امتدت بصمة بليغ إلى أصوات عربية متعددة، من بينهم وردة الجزائرية التي شكّل معها قصة حب وفن استثنائية، حيث قدم لها أجمل أغانيها مثل العيون السود، وحشتوني، المال والبنون، معندكش فكرة. 

كما لحن لشادية، صباح، نجاة الصغيرة، محرم فؤاد، سميرة سعيد، وغيرهم، تاركًا وراءه مكتبة موسيقية هائلة.

 

موسيقار الشعب

لم يكن بليغ مجرد ملحن للنخبة، بل كان موسيقار الشعب بحق. استلهم من الفلكلور المصري تراثًا حيًا أعاد صياغته في قالب عصري، فابتكر ألحانًا قريبة من الوجدان الجمعي، مثل أغاني محمد رشدي ميّت أهلا وسهلا، عدوية، طاير يا هوا، وأغاني علي الحجار، وسميرة سعيد في بداياتها، وهذه القدرة على المزج بين الفلكلور والحداثة جعلته مختلفًا عن جيله.

 

نهايات حزينة

رغم المجد الفني الكبير، لم تخلُ حياة بليغ من الأزمات. فقد واجه محنة قضائية في الثمانينيات اضطرته لمغادرة مصر لسنوات، قبل أن تتم تبرئته ويعود إلى وطنه، لكن تلك السنوات أثرت على مشواره الفني وصحته النفسية. 

رحل بليغ حمدي في سبتمبر 1993 عن عمر يناهز 62 عامًا، تاركًا خلفه إرثًا يزيد عن 1500 لحن ما بين أغانٍ عاطفية ووطنية وشعبية، واليوم، وبعد أكثر من ثلاثة عقود على رحيله، لا يزال بليغ حاضرًا بقوة في وجدان الأجيال الجديدة؛ تغنى ألحانه في الحفلات، وتعاد بصوت مطربين شباب، وتدرس كعلامات فارقة في تاريخ الموسيقى؛ لقد كان بليغ حمدي مدرسة فنية متفردة، عنوانها البساطة والصدق والقدرة على النفاذ إلى القلب بلا استئذان.

لمتابعة التفاصيل الكاملة حول بليغ حمدي: خالِد الموسيقى المصرية في ذكراه السنوية، يمكن الرجوع إلى موقع مصر تايمز عبر رابط الخبر الموجود أسفل النص، وذلك حرصًا على وصول القارئ للمصدر الأصلي.