تشغيل القرآن في البيوت بلا إنصات كامل: حكم شرعي يكشف الجواز

يُعدُّ القُرآن الكريم معجزة الله الخالدة، وسببًا لانشراح الصدر وطمأنينة القلب، فلا يُوجد كلام أعظم ولا أرقى من كلام الله عز وجل. وقد اعتاد كثير من المسلمين تشغيل إذاعة القرآن الكريم أو الاستماع عبر الهاتف والتطبيقات المختلفة، أحيانًا مع الإنصات الكامل وأحيانًا أثناء الانشغال بأعمال أخرى داخل البيت أو مكان العمل.
وفي هذا السياق، أوضح الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، الحكم الشرعي لهذه المسألة، مؤكدًا أنه لا حرج شرعًا في تشغيل القرآن دون الاستماع الكامل، ما دام الأمر خاليًا من التعمد في الإعراض عن كلام الله.
القرآن الكريم.. معجزة خالدة تؤثر في القلوب والنفوس
يُعرف القرآن الكريم بأنه الكتاب السماوي الذي أنزله الله على رسوله محمد ﷺ، ليكون هدى ورحمة ونورًا للعالمين. وقد أثبت التاريخ أن القرآن يؤثر في النفوس والقلوب، سواء لمن يفهم اللغة العربية أو لا يفهمها، لجمال ألفاظه، وبلاغة أسلوبه، وهيبته في النفوس.
ويكفي أن القرآن يبعث في قلب المؤمن راحة وسكينة، ويُبعد عنه القلق والاضطراب، فهو كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ولهذا يحرص المسلمون في بيوتهم على تشغيل القرآن باستمرار طلبًا للبركة والطمأنينة.
رأي المفتي: لا حرج في الانشغال عن الاستماع الكامل للقرآن
قال المفتي السابق الدكتور شوقي علام إنه لا يوجد أي مانع شرعي من تشغيل القرآن الكريم في البيت أو مكان العمل، حتى لو لم يكن هناك إنصات كامل، بشرط عدم التعمد في الانصراف أو الاستهزاء.
وأشار إلى أن تشغيل القرآن على إذاعة القرآن الكريم أو من خلال الهاتف أو القنوات الفضائية يُعد من أبواب التبرك بآيات الله، ولا مانع من ذلك شرعًا. وأكد أن الانشغال بالعمل أو بمهام أخرى لا يُعتبر إعراضًا عن القرآن ما دام القلب حاضرًا ويجلّ كلام الله.
متى يكون الاستماع واجبًا؟
أوضح العلماء أن الاستماع للقرآن يصبح واجبًا إذا كان القارئ يتلوه أمام المستمعين مباشرة، كما في صلاة الجماعة أو الخطبة أو حلقات التلاوة في المساجد، وذلك لقول الله تعالى:
﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204].
أما في غير هذه الحالات، مثل تشغيل القرآن عبر الأجهزة، فالأمر فيه سعة، ولا يُشترط الاستماع الكامل، وإن كان الإنصات أفضل وأعظم أجرًا.
فضل تشغيل القرآن في البيت
من فضائل تشغيل القرآن الكريم في البيوت:
جلب السكينة والطمأنينة لأهل المنزل.
طرد الشياطين وزيادة البركة.
تربية الأبناء على حب كلام الله والارتباط به منذ الصغر.
تذكير أهل البيت بضرورة المحافظة على تلاوة القرآن بأنفسهم.
وقد جاء في الحديث الشريف:
"إن البيت الذي يُقرأ فيه القرآن تحضره الملائكة، وتهجره الشياطين، ويتسع بأهله ويكثر خيره"
، مما يؤكد قيمة تشغيل القرآن وتلاوته داخل البيوت.
تشغيل القرآن أثناء العمل
أحيانًا يقوم بعض الأشخاص بتشغيل شرائط القرآن أو إذاعة القرآن الكريم أثناء قيامهم بأعمال منزلية أو وظيفية. وأكد المفتي أن هذا أمر جائز، ولا حرج فيه، ما دام لم يقصد الشخص الانصراف أو إهمال كلام الله.
بل إن هذا السلوك يُعتبر من المستحبات، لأنه يجعل القلب في حالة تواصل دائم مع آيات الله، حتى وإن كان الانتباه غير كامل.
نصائح للاستفادة من تشغيل القرآن في البيت
رغم جواز الانشغال عن الاستماع الكامل، إلا أن العلماء قدّموا مجموعة من النصائح للاستفادة القصوى من تشغيل القرآن الكريم في البيوت:
تخصيص وقت يومي للإنصات الكامل لتلاوة القرآن.
تربية الأبناء على الاستماع وحفظ بعض السور القصيرة.
ربط تشغيل القرآن بأوقات محددة مثل بعد الفجر أو قبل النوم.
الجمع بين الاستماع والتلاوة، بحيث لا يكون الاعتماد فقط على الأجهزة.
الحرص على تدبر معاني الآيات من خلال كتب التفسير أو البرامج التفاعلية.
القرآن الكريم والراحة النفسية
أثبتت دراسات حديثة أن الاستماع للقرآن الكريم له أثر إيجابي على الصحة النفسية، حيث يساعد على تقليل التوتر والقلق، ويُسهم في تحسين التركيز.
كما أن التلاوة بصوت جميل لها تأثير كبير في تهدئة الأعصاب ورفع الروح المعنوية، وهو ما يدفع الملايين حول العالم، مسلمين وغير مسلمين، للاستماع إلى القرآن.
هل الاستماع شرط لنيل الأجر؟
أجمع العلماء على أن مجرد تشغيل القرآن في البيت يُعد عملًا صالحًا يُثاب عليه المسلم، حتى إن لم يكن هناك استماع كامل، لكن الأجر يتضاعف إذا كان هناك تدبر وإنصات.
قال ابن القيم رحمه الله:
"القرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية والدنيوية والأخروية، ولا ينتفع به إلا من استمع له وأحسن قبوله"
، مما يعني أن الاستماع والتدبر أفضل وأكمل، لكن تشغيل القرآن نفسه لا يخلو من الفضل.
خلاصة القول أن تشغيل القرآن الكريم في البيت دون الاستماع الكامل له أمر مباح شرعًا، بل هو عمل حسن يجلب البركة والسكينة، شريطة عدم التعمد في الإعراض أو الاستهزاء.
ومع ذلك، يبقى الإنصات والتدبر هو الغاية العظمى من تلاوة القرآن، لأنه سبيل للهداية وزيادة الإيمان. لذا يُنصح المسلمون بجعل تشغيل القرآن عادة يومية، مع تخصيص أوقات للإنصات الكامل، حتى يجمعوا بين فضل الاستماع وبركة التلاوة.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا
لمتابعة التفاصيل الكاملة حول تشغيل القرآن في البيوت بلا إنصات كامل: حكم شرعي يكشف الجواز، يمكن الرجوع إلى موقع متن نيوز عبر رابط الخبر الموجود أسفل النص، وذلك حرصًا على وصول القارئ للمصدر الأصلي.