الجلوس لفترات طويلة يزيد مخاطر الوفاة المبكرة ويؤثر سلباً على الصحة العامة
يرتبط الجلوس لفترات طويلة بتراجع القدرة على الحركة وفقدان الكتلة العضلية مع التقدم في العمر، فضلاً عن زيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري. وفي هذا التحقيق نستعرض الأدلة العلمية وآراء الخبراء حول الطرق الفعالة للتصدي لهذه التأثيرات السلبية.
أصبح الجلوس الوضع الافتراضي لمعظم البشر، سواء أثناء العمل على المكتب، أو السفر خلف مقود السيارة، أو الاسترخاء بعد يوم طويل على الأريكة.
ومع ذلك يحذر خبراء الصحة من أن الجسم البشري مصمم للحركة وليس للبقاء في وضع ثابت لساعات طويلة، وأن الإفراط في الجلوس مرتبط بمجموعة من المخاطر الصحية، بدءاً من فقدان الكتلة العضلية ووصولاً إلى أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري.
تشير الدراسات إلى أن قضاء تسع ساعات أو أكثر جالسين يومياً يمكن أن يبدأ في التأثير سلباً على صحة الإنسان. فقد أظهرت دراسة نشرتها مجلة أرشيفات الصحة العامة أن الأشخاص الذين يجلسون تسع ساعات أو أكثر يومياً أكثر عرضة بنسبة 90% للإصابة بما يُعرف بالساركوبينيا.
أي الفقدان التدريجي للقوة والكتلة العضلية المرتبط بالتقدم في العمر، مقارنة بمن يقل جلوسهم عن أربع ساعات. وتؤكد الدراسات أن النشاط البدني المنتظم، حتى لو كان محدوداً، يخفف بشكل ملحوظ من هذه المخاطر ويعزز القدرة البدنية.
لا تتوقف أضرار الجلوس الطويل عند فقدان العضلات، بل تمتد لتشمل تيبّس المفاصل وآلامها. فالجسم يتكيف مع الوضعيات التي يكررها باستمرار وفق ما يعرف بمبدأ "التكيف المحدد مع المتطلبات المفروضة" (SAID)، مما يجعل العضلات المحيطة بالمفاصل تتصلب لتسهيل الثبات في وضعية واحدة.
ويؤدي ذلك مع مرور الوقت إلى آلام في أسفل الظهر والرقبة والكتفين. دراسة أجريت على 447 موظفاً مكتبياً أظهرت أن نصف المشاركين تقريباً يعانون من مشاكل في هذه المناطق بسبب طول فترة الجلوس اليومي.
أما على صعيد صحة القلب، فقد أظهرت دراسة شملت أكثر من 89 ألف شخص ونشرت في مجلة الكلية الأميركية لأمراض القلب أن الربع الأعلى من المشاركين الذين جلسوا لفترات أطول كانوا أكثر عرضة للإصابة بفشل القلب واضطرابات ضربات القلب والنوبات القلبية، مع ارتفاع واضح في المخاطر عند تجاوز 10 ساعات من الجلوس يومياً.
وأكدت الدراسة أن استبدال جزء من وقت الجلوس بأنشطة بدنية، حتى لفترات قصيرة، يقلص هذه المخاطر بشكل كبير، حتى بين من يلتزمون بمستويات النشاط البدني الموصى بها.
وللتخفيف من آثار الجلوس الطويل، توصي الدراسات بمزيج من الحركة والتمارين المنتظمة خلال اليوم. دراسة طويلة المدى نشرتها المجلة الطبية البريطانية تابعت نحو 12 ألف شخص تجاوزوا الخمسين من العمر، وأظهرت أن ممارسة النشاط البدني المعتدل إلى الشديد لمدة 22 دقيقة يومياً على الأقل يقلل من خطر الوفاة المرتبط بالجلوس الطويل.
كما أظهرت أبحاث جامعة ليستر البريطانية أن استخدام مكاتب قابلة لتعديل الارتفاع وأخذ فواصل منتظمة للتحرك يقلص وقت الجلوس، ويحسن الأداء الوظيفي ويخفف الإرهاق العضلي الهيكلي ويُحسن جودة الحياة بشكل عام.
ويشير خبراء اللياقة البدنية إلى أهمية تغيير وضعيات الجلوس بشكل متكرر كل 15 إلى 30 دقيقة، وممارسة تمارين التمدد مثل تمرين "تمدد العضلات والأوتار على الأريكة" وتمرين 90/90 للورك لتعزيز مرونة العضلات والمفاصل، إلى جانب تمارين الثبات العضلي مثل البلانك التي تقوي العضلات وتحفز الدورة الدموية.
وتمارين القوة مثل القرفصاء البلغاري تساعد على الحفاظ على مرونة الورك وتقوية العضلات، بينما يمكن استغلال فترات قصيرة من اليوم للقيام بأنشطة بسيطة مثل ترتيب المنزل أو المشي القصير، بما يعرف بـ"جرعات التمارين القصيرة".
الخبراء يؤكدون أن الجلوس ليس ضاراً بحد ذاته، بل المشكلة تكمن في الإفراط فيه وعدم التوازن بين الراحة والنشاط.
ومن خلال إدخال الحركة بشكل منتظم ضمن الروتين اليومي، سواء من خلال التمارين الهوائية أو تمارين القوة أو فترات النشاط القصيرة، يمكن التخفيف من المخاطر الصحية للجلوس الطويل والحفاظ على صحة القلب والعضلات والمفاصل وجودة الحياة بشكل عام.
المصدر: أندبندنت
لمتابعة التفاصيل الكاملة حول الجلوس لفترات طويلة يزيد مخاطر الوفاة المبكرة ويؤثر سلباً على الصحة العامة، يمكن الرجوع إلى موقع بران برس عبر رابط الخبر الموجود أسفل النص، وذلك حرصًا على وصول القارئ للمصدر الأصلي.