استقبال مقلوب في السفارة اليمنية بالقاهرة يكشف عن أزمات المغتربين
طالعتُ في أكثر من وسيلةٍ إعلاميةٍ جنوبيةٍ أن سعادة السفير خالد بحّاح استقبل معالي وزير الدولة، محافظ عدن، في مقرّ السفارة اليمنية في القاهرة.
الغريب في الأمر هو فعل الاستقبال، فالسفارة ليست أرضًا بحّاحية، بل جزءًا من سيادة اليمن التي يُمثّلها الوزير لملس بصفته وزيرًا. والصحيح أن يُذكَر الوزير قبل السفير، حتى وإن كان السفيرُ ذاتَ يومٍ نائبَ رئيسِ دولة، فهناك من أمثاله من تخلّوا عن دورهم الوطني وذهبوا للاستجمام في السفارات هم وعائلاتهم.
والصحيح أيضًا أن الوزير ذهب ليتفقّد أداء السفير وجيشه في خدمة اليمنيين هناك فقط، وهذه هي حدود عمل سفاراتنا، مضافًا إليها الجبايات التي يجلدون بها ظهور المغتربين، وهذه أولى الأثافي التي نستعرضها في هذا المقال.
أما الثانية، فتتمثّل في إصرار الوزير حيدان على رقمنة الهويات الشخصية بآلاف الريالات لأناسٍ لا يجدون قوت يومهم، ولم يحصلوا على رواتبهم التي لا تفي بأقلّ القليل من الضرورات الحياتية.
الأهم من ذلك أن البيانات الخاصة بالناس ستكون عُرضةً للاختراق من قِبل "الهاكرز"، ناهيك عن أجهزة مخابراتٍ معادية، وكان يفترض أن يكون الهاجس الأمني من أولى أولويات الوزارة والوزير بصفته وزير أمن.
إحدى المواطنات شكت من أنها لم تستطع استخراج شهادة ميلاد ابنها إلا بالبطاقة الإلكترونية لها ولزوجها، وهما لا يملكان المال لذلك.
فإذا أهملنا الجانب الأمني، فلننظر إلى الحالة المعيشية للناس: لماذا لا تكون هذه البطاقات مجانية بوصفها حقًّا دستوريًّا مجانيًّا؟ فوزارة الداخلية ليست وزارة موارد وأرباحٍ يجنونها من طعام أطفالنا كما تفعل بعض مؤسسات التكسب.
أما ثالثة الأثافي، فهي الأجهزة الحكومية المختلفة التي يُفترض بها الصرامة في تنفيذ القرارات. فتثبيت سعر صرف الريال صمد بفضل شجاعة دولة رئيس الوزراء، والدعم السياسي والفني من الدول والمؤسسات المالية الدولية، لكنه تَصاحَبَ بتراخٍ من الأجهزة الإدارية والفنية المحلية التي يُفترض بها أن تكون أذرع الحكومة في تنفيذ القرارات. ولو نزل هؤلاء من أبراجهم العاجية إلى الشارع لرأوا جشع التجار.
هذه الأثافي الثلاث، وغيرها الكثير، تدلّ على أن كثيرًا من الأجهزة السياسية والإدارية والفنية وشخوصها يعيشون في عالمٍ موازٍ بعيدٍ عن الواقع تمامًا، وأننا مدينون باعتذارٍ لغباء الإمبراطورة الفرنسية ماري أنطوانيت التي قيل لها إن الشارع يثور لأنه لا يجد خبزًا، فقالت وهي مسكونة بعالمها الموازي: "ولماذا لا يأكلون البسكويت؟"
عندنا يا سيدة ماري، يأكل الناس من الزبالة، ولدينا نخبة من الأغبياء يعيشون في عالمٍ موازٍ مشتّت الأوصال، وفوق عجزهم عن توفير الخدمات والعيش الكريم للمواطن، يجلدون الناس برسومٍ وإتاواتٍ مزاجية.
عدن
١ نوفمبر ٢٠٢٥م
لمتابعة التفاصيل الكاملة حول استقبال مقلوب في السفارة اليمنية بالقاهرة يكشف عن أزمات المغتربين، يمكن الرجوع إلى موقع موقع الأول عبر رابط الخبر الموجود أسفل النص، وذلك حرصًا على وصول القارئ للمصدر الأصلي.