ألمانيا تعيد بناء قوتها العسكرية في ظل التحديات الأوروبية الجديدة

ألمانيا تعيد بناء قوتها العسكرية في ظل التحديات الأوروبية الجديدة

أخبار وتقارير

(الأول) وكالات:

في مواجهة تهديد محتمل والمخاوف الناتجة عن الأزمة الأوكرانية، تنهض ألمانيا من جديد كقوة عسكرية أوروبية كبيرة. قبل عقد من الزمن، كان الجيش الألماني موضع سخرية خلال تدريبات حلف الناتو، إذ اضطر الجنود لاستخدام مكانس مطلية بالأسود بدل الرشاشات نتيجة نقص المعدات والتمويل، ما يعكس سنوات طويلة من الإهمال، إذ اعتمدت برلين على فكرة أن أوروبا تعيش عصر السلام وخفضت الإنفاق العسكري بعد الحرب الباردة، مدفوعة بإرثها التاريخي المعادي للنزعة العسكرية وخوفها من تكرار مآسي الماضي النازي.

تغير كل شيء مع حرب أوكرانيا عام 2022، إذ شعرت ألمانيا بالصدمة من عودة الحرب إلى القارة وبدأت تدرك أن الاعتماد على الحوار أو الاقتصاد وحده مع روسيا لم يعد كافيًا. أعلن المستشار الألماني السابق أولاف شولتز إنشاء صندوق بقيمة 100 مليار يورو لتحديث الجيش، بينما ألغى المستشار الحالي فريدريك ميرتس القيود الدستورية على الإنفاق العسكري وفتح الباب أمام الاقتراض الضخم لتمويل إعادة التسلح، ما جعل ألمانيا قادرة على إنفاق مئات المليارات على المعدات العسكرية، متجاوزة بذلك بريطانيا وفرنسا وبولندا مجتمعة في حجم المشتريات الدفاعية.

بحسب خطة ميرتس، سيرتفع الإنفاق الدفاعي تدريجيًا إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2029، فيما تبلغ موازنة الدفاع حاليًا نحو 86 مليار يورو، وستصل إلى أكثر من 160 مليار بنهاية العقد، بهدف تحويل الجيش الألماني إلى أقوى جيش تقليدي في أوروبا وأحد الركائز الأساسية لحلف الناتو. ويعكس هذا التحول إدراك ألمانيا المتزايد بأن الولايات المتحدة لم تعد الضامن المطلق لأمن القارة، فيما دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الدول الأوروبية إلى زيادة الإنفاق العسكري.

يشمل الإنفاق العسكري الجديد شراء أكثر من 400 دبابة "ليوبارد 2" بعد طلب 105 إضافية، و600 نظام دفاع جوي متنقل من نوع "سكاي رينجر"، و20 مقاتلة "تايفون"، و15 طائرة "إف-35" شبحية، إضافة إلى مئات المركبات القتالية والفرقاطات والغواصات الجديدة. كما ستنتج ألمانيا محليًا صواريخ "باتريوت" بالتعاون مع شركة "إم بي دي إي" الأوروبية، للحد من التبعية التكنولوجية للولايات المتحدة. بالتوازي مع ذلك، تشهد صناعة الدفاع انتعاشًا ملحوظًا، خاصة شركة "راينميتال"، بينما يجري التفكير في تحويل بعض مصانع السيارات مثل "فولكسفاغن" لإنتاج معدات عسكرية، مستفيدين من التشابه التقني بين الصناعتين.

تهدف الحكومة إلى زيادة عدد الجنود من 185 ألفًا إلى 260 ألفًا، مع 200 ألف احتياطي، وسط جدل حول إعادة التجنيد الإجباري الذي أُلغي عام 2011، إذ يرى المسؤولون أن النظام التطوعي وحده قد لا يكفي. رغم هذا التوسع، يظل السؤال قائمًا حول قدرة ألمانيا على ردع روسيا، خاصة أن موسكو قادرة على إنتاج ما يعادل الترسانة الألمانية لعام 2021 خلال سبعة أشهر. كما يحذر بعض الخبراء من أن الإنفاق المفرط على المعدات التقليدية قد يقلل من الابتكار في مجالات أكثر حسماً مثل الطائرات المسيرة والأسلحة الذكية. إلى جانب ذلك، قد يشكل صعود حزب "البديل من أجل ألمانيا" من أقصى اليمين تحديًا لاستمرار سياسة التسلح.

تدرك ألمانيا الآن أن سلام أوروبا ليس مضمونًا، وأنها لا يمكن أن تعتمد فقط على الولايات المتحدة أو حسن نوايا روسيا، وأن إعادة بناء الجيش الألماني ليست مجرد عودة إلى الماضي، بل محاولة لتأمين مستقبل أوروبا في عالم يتغير بسرعة.

لمتابعة التفاصيل الكاملة حول ألمانيا تعيد بناء قوتها العسكرية في ظل التحديات الأوروبية الجديدة، يمكن الرجوع إلى موقع موقع الأول عبر رابط الخبر الموجود أسفل النص، وذلك حرصًا على وصول القارئ للمصدر الأصلي.