المترجمون: شراكة إبداعية في فنون الترجمة الأدبية

المترجمون: شراكة إبداعية في فنون الترجمة الأدبية

شهد ملتقى الترجمة الدولي 2025، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة تحت شعار “من السعودية نترجم المستقبل”، جلسة حوارية حملت عنوان “فنون التراجم الأدبية.. أحاسيس اللغة ولغة الأحاسيس”، تناولت الأبعاد الجمالية والإبداعية في ترجمة النصوص الأدبية بين اللغات والثقافات المختلفة، وسط حضور واسع من المترجمين والباحثين والمهتمين بالشأن الثقافي.

وشارك في الجلسة كل من المترجم والأديب الأستاذ محمد آيت حنا، والدكتور سلفادور بينيا من جامعة ملقا الإسبانية، والدكتور إبراهيم الفريح من جامعة الملك سعود، وأدارت الحوار نسيبة القصار من مكتبة الكويت الوطنية.

وتناولت الجلسة الحديث عن تطور الترجمة الأدبية، مبينة أنها لم تعد تقتصر على نقل النصوص حرفيًّا كما كان في الماضي، بل أصبحت تعكس فهمًا أعمق للنص ومعانيه الثقافية والوجدانية.

وتناولت محاور الجلسة دور المترجم اليوم الذي يتجاوز النقل اللغوي إلى نقل الإحساس والجوهر الثقافي للنص الأصلي، بوصف الترجمة عملية إبداعية تتطلب حسًّا لغويًّا وثقافيًّا رفيعًا، وقدرة على الموازنة بين الأمانة للنص الأصلي والإبداع في إعادة صياغته باللغة المستهدفة.

وأكدت المشاركون أن الترجمة تُعد من أهم الجسور التي تربط بين الحضارات، وتسهم في تعزيز التفاهم الثقافي والتقارب الإنساني بين الشعوب، مشيرةً إلى ضرورة الاستثمار في تأهيل المترجمين وصقل مهاراتهم بما يعزز صناعة الترجمة في المملكة والعالم العربي، ويمكّنهم من الإسهام في نقل المعرفة والآداب العالمية بصورة احترافية.

وناقشت الجلسة التحديات التي تواجه المترجمين في الوصول إلى مستويات عالية من الإتقان، مشددة على أهمية الدقة في اختيار المفردات، والقدرة على نقل روح اللغة ومعناها الأصلي دون الإخلال بأسلوب النص أو سياقه.

وأشارت إلى أن المترجم الأدبي يتعامل مع النص بحس فني عالٍ، يسعى من خلاله إلى الحفاظ على الجماليات اللغوية والبعد الإنساني للترجمة، مع مراعاة خصوصية الثقافات واختلاف البيئات الإبداعية.

وتطرقت إلى دور التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي في تطوير أدوات الترجمة، مؤكدة أهمية الاستفادة من هذه التقنيات في تسريع عمليات الترجمة وتحسين الدقة، مع الحفاظ على البعد الإنساني الذي يمثل جوهر العملية الإبداعية في الترجمة الأدبية.

وبيّنت أن المترجم المبدع هو من يجمع بين الحس الفني والمعرفة التقنية، ويتمكن من إعادة صياغة النصوص بما يحافظ على روح الكاتب وإيقاع لغته دون الإخلال بالمعنى أو الرسالة.

وأشار المشاركون إلى أن الترجمة الأدبية تُعدّ أكثر أشكال الترجمة تعقيدًا وحساسية، إذ تجمع المعرفة والخيال، وتستلزم قدرة على نقل المشاعر قبل الكلمات، مؤكدَة أن المترجم الأدبي يؤدي دورًا إبداعيًّا لا يقل عن المؤلف في إعادة صياغة التجربة الفنية بلغة جديدة.

وبينوا أن الترجمة الأدبية ليست نقلًا حرفيًّا للنص، وإنما عملية تأويل فني تتطلب وعيًا بالسياقات الثقافية واللغوية، وإدراكًا لمواطن الجمال في النص الأصلي، مشددةً على أهمية أن يمتلك المترجم حسًّا أدبيًّا وقدرة على التقاط النغمة الشعورية للكاتب الأصلي.

وأكد المشاركون أن الإبداع في الترجمة لا يعني تجاوز النص، وإنما التعامل معه بروح فنية تحقق التوازن بين الأمانة والدقة من جهة، والجمال والأسلوب من جهة أخرى، لافتين إلى أن المترجم المبدع هو الذي يتيح للقارئ في اللغة الهدف أن يعيش التجربة ذاتها التي أرادها المؤلف في لغته الأم.

وشددت الجلسة على أن ازدهار حركة الترجمة الأدبية في العالم العربي خلال السنوات الأخيرة يعكس اهتمام المؤسسات الثقافية في المنطقة، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، بتعزيز حضور الأدب العربي في المشهد العالمي، من خلال دعم البرامج والمشروعات النوعية التي تفتح آفاق التبادل الثقافي مع مختلف لغات العالم.

وتأتي هذه الجلسة ضمن سلسلة الجلسات العلمية التي يقدّمها ملتقى الترجمة الدولي 2025، بمشاركة نخبة من المترجمين والخبراء الدوليين، بهدف إبراز دور الترجمة الأدبية في التقريب بين الثقافات، وترسيخ موقع المملكة مركزًا فاعلًا في تطوير صناعة الترجمة وإثراء التواصل الإنساني عبر اللغة.

لمتابعة التفاصيل الكاملة حول المترجمون: شراكة إبداعية في فنون الترجمة الأدبية، يمكن الرجوع إلى موقع الجزيرة اونلاين عبر رابط الخبر الموجود أسفل النص، وذلك حرصًا على وصول القارئ للمصدر الأصلي.