زيارة تاريخية: الشرع يلتقي ترامب في واشنطن بعد عقود من الجمود الدبلوماسي
في مشهد دبلوماسي غير مسبوق، وصل الرئيس السوري أحمد الشرع إلى العاصمة الأميركية واشنطن يوم السبت في زيارة رسمية تاريخية، حسبما أفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا).
هذه الخطوة لم تكن لتحدث لولا التحول الدراماتيكي في الموقف الأميركي، حيث جاءت الزيارة بعد يوم واحد فقط من إزالة واشنطن اسم الشرع من قوائم الإرهاب، وبعد رفع مجلس الأمن الدولي العقوبات عنه.
تُعد هذه الزيارة إلى البيت الأبيض هي الأولى من نوعها لرئيس سوري منذ استقلال البلاد عام 1946، متجاوزة عقودًا من العداء والجمود. في حين كان الشرع قد زار الولايات المتحدة سابقًا للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، فإن لقاءه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في واشنطن يمثل نقطة تحول استراتيجية عميقة، إيذانًا ببدء مرحلة جديدة من العلاقات السورية الأميركية.
أجندة القمة الأمنية: مكافحة الإرهاب والقاعدة العسكرية الأميركية
تتجه الأنظار إلى القضايا الشائكة التي سيناقشها الشرع وترامب، والتي ترسم ملامح الشراكة الأمنية الجديدة. تُعد قضية مستقبل الحرب على الإرهاب هي الأبرز في الأجندة.
الانضمام للتحالف الدولي: أكد المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم براك، التوقعات بأن دمشق ستوقع اتفاقًا رسميًا للانضمام إلى التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" الذي تقوده واشنطن. هذا التوقيع سيعيد تموضع سوريا ضمن المعادلة الأمنية الإقليمية بعد سنوات اتُهمت فيها بالتواطؤ مع فصائل متشددة، ويأتي عقب هزيمة التحالف العسكرية لتنظيم داعش في سوريا عام 2019، بمساعدة قوات قسد التي تتفاوض حاليًا للاندماج مع الجيش السوري.
القاعدة العسكرية الأميركية: على صعيد موازٍ، أفاد مصدر دبلوماسي لـ "فرانس برس" بأن الولايات المتحدة تعتزم إنشاء قاعدة عسكرية قرب دمشق. هذه الخطوة غير المسبوقة في العلاقات السورية الأميركية تعكس تحولًا استراتيجيًا عميقًا، وتؤشر إلى احتمالية شراكة أمنية أوسع قد تمتد لتشمل إعادة تأهيل الجيش السوري وتوحيد مكوناته.
هذه التدابير الأمنية المتبادلة تأتي، حسب المتحدث باسم الخارجية الأميركية تومي بيغوت، "في معرض الإقرار بالتقدم الذي تظهره القيادة السورية بعد رحيل بشار الأسد، وأكثر من 50 عامًا من القمع في ظل نظام عائلة الأسد".
ملف إعادة الإعمار والتطبيع الإقليمي: تحديات ضخمة
بصفتها دولة خرجت من نزاع مدمر دام 14 عامًا، فإن سوريا تواجه تحديًا اقتصاديًا هائلًا. يُعد تأمين التمويلات لإعادة الإعمار من الملفات الحيوية، خاصة وأن البنك الدولي قدر كلفة الدمار بأكثر من 216 مليار دولار. إن رفع العقوبات الأميركية عن الشرع قبيل الزيارة، هو خطوة لتمهيد الطريق لعودة الاستثمارات والمساعدات، ورفع قوانين مثل "قانون قيصر" الذي أثقل كاهل الاقتصاد السوري.
إقليميًا، من المقرر أن يناقش ترامب والشرع المفاوضات بين السلطات السورية وإسرائيل. وكان الرئيس الأميركي قد حض نظيره السوري في مايو على الانضمام إلى الاتفاقات الإبراهيمية.
وأعلن الشرع في سبتمبر أن المفاوضات مع إسرائيل تهدف إلى:
التوصل لاتفاق أمني.
انسحاب إسرائيل من مناطق في جنوب سوريا تقدمت إليها بعد سقوط الأسد.
وقف الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية، خاصة بعد تعرض البلاد للعديد من الغارات والتوغلات منذ ديسمبر الماضي.
الشرع بين موسكو وواشنطن: تثبيت الموقع المحوري
كانت الخطوة التي أعلنتها وزارة الخارجية الأميركية بإزالة اسم الشرع من قائمة الإرهاب متوقعة وسط مؤشرات التعاون المتزايد بين القيادة السورية الجديدة والولايات المتحدة.
تختتم هذه الزيارة بكونها ليست مجرد حدث دبلوماسي عابر، بل منعطف تاريخي حقيقي يعيد رسم خرائط النفوذ في الشرق الأوسط. فمن كونه على قوائم العقوبات، إلى الجلوس في البيت الأبيض، يسعى الرئيس السوري أحمد الشرع إلى تثبيت موقع بلاده كلاعب محوري في معادلة الأمن الإقليمي والدولي.
إن نجاح المباحثات في تحقيق توازن دقيق بين مصالح الحلفاء التقليديين (مثل موسكو) ومصالح واشنطن، وبين تطلعات الداخل السوري ومطالب الخارج، قد يكون بمثابة إعلان عن حقبة جديدة عنوانها "سوريا تعود إلى الخارطة الدولية من بوابة واشنطن". الزيارة تمثل اختبارًا حاسمًا لقدرة دمشق على الانتقال من دولة معزولة إلى شريك أساسي في الأمن الإقليمي والدولي.
انضموا لقناة متن الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا
لمتابعة التفاصيل الكاملة حول زيارة تاريخية: الشرع يلتقي ترامب في واشنطن بعد عقود من الجمود الدبلوماسي، يمكن الرجوع إلى موقع متن نيوز عبر رابط الخبر الموجود أسفل النص، وذلك حرصًا على وصول القارئ للمصدر الأصلي.