نقل معبد أبو سمبل: إنقاذ تاريخ مصر من الغرق في لحظة تاريخية

نقل معبد أبو سمبل: إنقاذ تاريخ مصر من الغرق في لحظة تاريخية

في مثل هذا اليوم، 22 سبتمبر عام 1968، سجّل التاريخ لحظة فارقة في سجل الآثار المصرية، حيث انتهت أكبر عملية إنقاذ أثري في القرن العشرين، وهي نقل معبد أبو سمبل من موقعه الأصلي بجنوب أسوان إلى مكانه الحالي، في واحدة من أعظم الملحمات الهندسية التي حظيت بمتابعة العالم أجمع.

بداية المعبد 

المعبد، الذي شُيّد في القرن الثالث عشر قبل الميلاد بأمر من الملك رمسيس الثاني تخليدًا لانتصاره في معركة قادش، لم يكن مجرد معبد عادي، بل رمز لقوة الحضارة المصرية، ويتكوّن مجمع أبو سمبل من معبدين؛ الأكبر مكرس لآلهة مصرية كبرى مثل رع-حوراختي، آمون، وبتاح، وتزين واجهته أربعة تماثيل عملاقة للفرعون بارتفاع يصل إلى 20 مترًا.

المعبد الصغير

  المعبد الصغير مخصص للإلهة حتحور وللملكة المحبوبة نفرتاري، ليخلّد علاقة الحب التي جمعت بينهما.

غرق المعبد 

بدأت الحملة الدولية

مع بداية الستينيات، كان بناء السد العالي على وشك تغيير جغرافيا المنطقة بأكملها، فالمشروع القومي العملاق سيؤدي إلى تكوين بحيرة ناصر، التي كانت ستهدد بغرق عشرات المعابد والآثار النوبية، وفي مقدمتها أبو سمبل و عندها ناشدت مصر العالم لإنقاذ هذا التراث الإنساني الفريد، فأطلقت منظمة اليونسكو عام 1960 أكبر حملة دولية للإنقاذ الأثري.

 

تجميع المعبد 

تدفقت التبرعات والخبرات من أكثر من 50 دولة، لتبدأ عملية دقيقة غير مسبوقة في التاريخ: تقطيع المعبد بالكامل إلى كتل حجرية يصل وزن الواحدة منها إلى 30 طناً، ثم رفعها وإعادة تركيبها قطعة قطعة، في موقع مرتفع يبعد حوالي 65 مترًا فوق المستوى الأصلي و200 متر بعيدًا عن النيل.

إنجاز هندسي عالمي

استمرت عملية النقل من عام 1964 حتى 1968، بتكلفة وصلت إلى حوالي 36 مليون دولار – ما يعادل مئات الملايين بمقاييس اليوم. واعتُبرت العملية "معجزة القرن العشرين" في مجال الهندسة الأثرية، حيث جرى الحفاظ على أدق التفاصيل، بما في ذلك الظاهرة الفلكية الشهيرة لتعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني داخل قدس الأقداس مرتين في العام (21 فبراير و21 أكتوبر)، التي ما تزال تحدث حتى اليوم بعد النقل.

 

اكتشاف وضياع ثم إنقاذ

 

 ظل معبد أبو سمبل  مطمورًا بالرمال لقرون طويلة، حتى أعاد اكتشافه الرحالة السويسري يوهان بوركهارت عام 1813، قبل أن ينجح الإيطالي جيوفاني بلزوني عام 1817 في دخول المعبد، لكنه حمل معه الكثير من المقتنيات الأثرية إلى أوروبا، ورغم ذلك بقي أبو سمبل، بتفرده وموقعه الفريد، شاهدًا على عظمة الحضارة المصرية القديمة.

اليوم يقف أبو سمبل شامخًا فوق بحيرة ناصر، ليس فقط كأحد أهم المعالم الأثرية في مصر، بل كرمز لتعاون الإنسانية من أجل حماية التراث العالمي، وقد أدرجته اليونسكو عام 1979 ضمن قائمة التراث العالمي، ليظل شاهدًا على قدرة الإنسان على الجمع بين التقدم الحديث وصون التاريخ.

لمتابعة التفاصيل الكاملة حول نقل معبد أبو سمبل: إنقاذ تاريخ مصر من الغرق في لحظة تاريخية، يمكن الرجوع إلى موقع مصر تايمز عبر رابط الخبر الموجود أسفل النص، وذلك حرصًا على وصول القارئ للمصدر الأصلي.