ذكرى نكبة الجنوبيين: كيف أضعفت الهوية اليمنية استقلال الجنوب العربي؟

ذكرى نكبة الجنوبيين: كيف أضعفت الهوية اليمنية استقلال الجنوب العربي؟

 

د. حسين لقور بن عيدان

1- لو أن الجنوبيين ليلة الاستقلال في 1967م لم يربطوا هويتهم بهوية اليمن المفروضة عليهم حينذاك، فمن المرجح أن كثيرًا من الصراعات التي حدثت لاحقًا، والعواقب الناتجة عنها، كانت ستأخذ منحى مختلفًا وربما أقل حدة أو حتى نوعًا آخر من الصراع السياسي المدني.

ربط هوية الجنوب العربي باليمن جاء بقرار سياسي تبنته قيادة الجبهة القومية بدفع من تيارات قومية وعروبية، وساهم هذا الربط في إذابة الكيانات المحلية الجنوبية المتنوعة وفي فرض مشروع توحيدي قسري يحمل أعباء التنافس والصراع، بدلًا من الاعتراف بالخصوصية الجنوبية أو بهوية جنوبية مستقلة.

2- أول قرار اتخذته قيادة الجبهة القومية عشية الاستقلال كان إطلاق اسم جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، وهو ما رسم الخط السياسي للكيان الوليد وأقر ضمنيًا بأن الجنوب جزء من كيان وهمي اسمه اليمن، رغم عدم وجود دولة يمنية موحدة تاريخيًا بهذا المفهوم حتى ذلك الوقت.

 هذا الربط أنهى فكرة الكيان الجنوب-عربي المستقل اتحاد الجنوب العربي وفتح الباب لمشاريع وحدة أو توحيد قسري مستقبلاً، وتسبب في تهميش الهويات الجنوبية المحلية لصالح هوية يمنية دخيلة، لم ترَ فيها الأطراف الجنوبية المختلفة نفسها، ما جعل الانقسامات الداخلية أكثر حدة وقابلة للانفجار عند كل أزمة سياسية.

3- إسقاط الهوية اليمنية في الجنوب جعل المشروع السياسي محصورًا بين تيارات قومية ويسارية و أخيرًا إسلامية كلها تتبنى خطابات خارجية عابرة للحدود لا تنبع من خصوصيات الجنوب.

هذا التوحيد الإجباري والقمعي أدى إلى صراعات داخلية بين أطراف القيادة وبين قوى المجتمع، وأسال كثيرًا من الدماء في حروب السلطة والانقسامات الحزبية والجهوية التي توالت على مدار السبعينيات والثمانينيات.

لاحقًا، أسس تبني الهوية اليمنية لشرعنة مشروع الوحدة مع اليمن عام 1990، مكرسًا بذلك مسارًا جديدًا من الأزمات المرتبطة بإعادة إنتاج التهميش والتنازع حول الموارد والهوية والمصالح

4- كان التجانس الديني السُّنّي الشافعي الذي ميّز المجتمع الجنوبي يشكّل إطارًا متينًا لوحدة اجتماعية وثقافية وسياسية متماسكة، سيقلّص من احتمالات الصراعات الدينية أو الطائفية، وسيمهّد لبناء مؤسسات دولة مستقرة ومنسجمة، تعزز الهوية الوطنية الجامعة بعيدًا عن الانقسامات التي مزّقت مجتمعات أخرى في المنطقة.

غير أن نكبة عام 1967، حين فُرضت الهوية اليمنية على الجنوب، مثّلت نقطة التحوّل الكبرى؛ إذ أعادت إحياء الأطماع الزيدية التاريخية التي طالما تربّصت بالجنوب منذ دخولها صعدة في القرن الهجري الثالث. وقد وجدت تلك الأطماع فرصتها عبر التغلغل اليمني في مفاصل القرار الجنوبي، وإثارة الصراعات الداخلية، وربطها بمشاريع ومراكز نفوذ خارج حدود الوطن الجنوبي

لمتابعة التفاصيل الكاملة حول ذكرى نكبة الجنوبيين: كيف أضعفت الهوية اليمنية استقلال الجنوب العربي؟، يمكن الرجوع إلى موقع موقع الأول عبر رابط الخبر الموجود أسفل النص، وذلك حرصًا على وصول القارئ للمصدر الأصلي.